هند جودار .. سفيرة القفطان المغربي والثقافة الشرقية

هيئة التحرير
2020-03-09T16:33:09+01:00
مغربيات المهجر
هيئة التحرير9 مارس 2020آخر تحديث : منذ 4 سنوات
هند جودار .. سفيرة القفطان المغربي والثقافة الشرقية
بوابة مغاربة العالم

لم يكن تكوينها الأساسي يؤهلها لأن تصبح صوت القفطان المغربي والثقافة الشرقية على الصعيد الدولي. ومع ذلك، فإن هند جودار، مؤسسة “معرض الأزياء الشرقية” (أوريونتال فاشن شو)، تستحق لقب سفيرة الموضة الشرقية، بالنظر إلى الجهد الكبير الذي تبذله لجعل ثقافتها الأصلية تتألق عاليا في سماء العالمية.

وتعمل هذه المحامية السابقة في مجال الأعمال، الفخورة أيما فخر بأصولها وثقافتها المغربية والشرقية، في صمت لكن بحس عال من المهنية، على تعزيز إشعاع هذا الموروث، وذلك من خلال الحدث الوازن “أوريانتال فاشن شو”، المنصة المخصصة للأزياء والموضة الشرقية، التي تحظى بالاعتراف على الصعيد الدولي.

فأكثر من كونه عرضا للموضة، أضحى “أوريانتال فاشن شو” مع مرور السنوات، منصة فنية حقيقية تتيح الحوار الثقافي بين الشرق والغرب. وتمكن هذا الحدث الذي تتمثل مهمته في النهوض بالأزياء المشرقية، من اكتساب إشعاعه عبر الارتحال في أرجاء العالم وأبرز ملتقيات الموضة ذات الإمكانيات الإعلامية القوية: باريس، لندن، الدوحة، الكويت، مراكش، موسكو، إسطمبول، ألماتي (كازخستان)، سمرقند (أوزبكستان)…، بما يجعل منه واجهة رائدة للموضة الشرقية.

إلى جانب ذلك، ومن خلال إنتاجاته الكثيرة، تمكن “أورينتال فاشن شو” من إبراز أزيد من 100 مصمم من خمسين جنسية مختلفة، ويواصل العمل لفائدة مبدعين في الموضة والثقافة.

وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، تقول هند جودار إن “القفطان يبقى أساس أورينتال فاشن شو”، علما أنها كانت قد مثلت القفطان المغربي بباريس تحت شعار “قفطان فاشن شو”.

وأوضحت “أتتني فكرة أورينتال فاشن شو بعد القيام بأبحاث حول أصول القفطان. أدركت حينها أن هذا الزي كان له حضور قديم وراسخ في الجزء الشرقي من العالم. ويجد هذا الأمر تفسيره في مختلف التأثيرات الثقافية التي طرأت بفضل مختلف المبادلات التجارية والامتدادات”.

وأضافت “في البداية، كان موضوعي الأول هو القفطان المغربي. لكن عندما ذهبت للبحث في أصوله، اكتشفت عالما مبهرا يرتبط بالثقافة الشرقية التي أشعت على العالم خلال قرون، وحتى يومنا هذا”.

واستطردت قائلة “لكن، لم أرد أن تكون هذه الكلمة +شرقي+ مرتبطة بالماضي، أو برؤية فولكلورية أوجدها التيار الشرقي عند نهاية القرن التاسع عشر. رغبت في ربطه بعالم التميز والرفاهية الذي تم تجريده منه”.

وتعترف هذه المختصة في قانون الأعمال، وبالتحديد في قانون المقاولات التجارية، بصراحة، أنه وفي البداية “لم يكن لديها أي شغف بالقفطان، بل أقل من ذلك بالنسبة للأزياء”. لكنها كانت دوما شغوفة بالتاريخ والجغرافيا السياسية، والحضارات والأسفار … “من بين قراءاتي، كنت دائما منجذبة من قبل مؤلفين مهتمين بالمشرق من أمثال أمين معلوف، وكينيزي مراد…”.

وتحكي هند جودار التي غادرت المغرب وهي في سن الثالثة عشرة من العمر لتستقر في فرنسا مع أسرتها، إن “قصتي مع القفطان بدأت خلال مناقشة مع شقيقتي المحبة للموضة والقفطان على وجه الخصوص. كانت تخبرني بضرورة القيام بمشروع تجاري حول القفطان، على اعتبار أنه كان هناك طلب من طرف الجالية المغربية في أوروبا، وأن الأمر يعد بالسير على نحو جيد. بطبيعة الحال، قبل 15 عاما، كان يجب القيام بكل شيء، لكن المنتوج بدا لي محفوفا بشيء من الغرابة !”.

وأضافت “منذ وصولي إلى فرنسا، كانت الكلمة السائدة هي: العمل، العمل ثم العمل. لم يكن لدينا وقت لطرح الكثير من الأسئلة الوجودية. لقد كان أبي صارما للغاية ومحبا للعمل. لقد كان هو نفسه مقاولا”.

وتابعت قائلة “أراد القدر أن شخصين (أبي وشقيقتي) لقيا حتفهما في حادثة سير مروعة في 20 نونبر 2003. وفي الوقت الذي كنا لا زلنا في فترة الحداد، طفت فكرة القفطان من جديد على السطح. لقد تملكني النقاش حول القفطان مع شقيقتي إلى غاية تمكني من تنظيم أول عرض للقفطان بباريس في أبريل 2004 بفندق جورج الخامس. ظننت أنه الأول والأخير، لكن وعلى عكس ما اعتقدته، لم يكن ذلك سوى بداية قصتي مع القفطان”.

وأشارت إلى أنه و”إزاء طلب ملح من طرف المصممين، انتهى بي الأمر إلى تجديد تجربة التحدي، من خلال تنظيم يومي سبت للموضة في 2005، بتعاون مع مصلحة التواصل بفندق +لو بريستول+ بباريس”.

وأكدت أنه “وفي 2006، وجهت لي الدعوة من طرف سفارة المغرب ووزارتي الثقافة والصناعة التقليدية آنذاك قصد المساعدة على تنظيم معرض بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال المغرب. لقد وجدت نفسي بصدد تنظيم اجتماعات عمل مع مسؤولي مجموعة كبرى للأناقة. لقد قمت بهذا العمل من منطلق حبي للمغرب، للمصممين وللقفطان”.

وبعد هذه التجربة، قررت هند جودار الرجوع قليلا إلى الوراء والانكباب “بشكل جدي” على موضوع القفطان. وكان هدف هذه السيدة التي رأت النور في مدينة تازة، يتمثل في تأليف كتاب حول قصتها وقصة أسرتها، قبل أن تجد نفسها تقوم بأبحاث حول القفطان، وأصوله، وأشكاله، وتاريخه، وتطوره… وهو ما مكن من خروج كتابها إلى حيز الوجود، وذلك تحت عنوان “روائع القفطان”.

وأثناء فترة الكتابة، خطر بذهن هند جودار فكرة تنظيم حدث أكثر أهمية بإسم يجمع كل البلدان الشرقية التي لديها تاريخ مع القفطان.

وفي سنة 2010، قررت تنظيم أسبوع الموضة الشرقية الأول بباريس، دائما بتعاون مع مصلحة الاتصال بفندق “لو بريستول”.

وقالت في هذا الصدد “لقد كان ذلك بداية +أورينتال فاشن شو+. آنذاك لم يكن لدي أي شك. قررت حينها هيكلة المشروع ووضعه على السكة. وهكذا، مررت من +قفطان فاشن شو+ إلى +أورينتال فاشن شو+”.

ومن خلال إطلاقها العنان لشغفها الجديد، أرادت هند جودار تحقيق رهانات تتعلق أولا بـ “الهوية”. وتقول “كفرنسية من أصل مغربي، من الضروري بالنسبة لي وللأشخاص مزدوجي الجنسية أن أبقى على صلة بالجذور المغربية، والقفطان ليس ثوبا سطحيا! إنها وسيلة مهمة لنقل المعلومات حول هويتنا، فهي تجعلنا ننفتح أمام الآخرين وتحكي لنا قصة”.

لكن – تضيف هند جوادر- هناك أيضا رهانات تتعلق بالحفاظ على المعارف، والحرف، والثقافة اللامادية الموروثة عن الأجداد، مضيفة “إن الحفاظ على استمرارية القفطان هو إنقاذ للحرف والثقافة والتقاليد”.

أما الرهانات ذات الطبيعة الاقتصادية فلا تقل أهمية عن نظيراتها، على اعتبار “أن صناعة قفطان يشمل مساهمة العديد من المهنيين أو الشركات التي توظف العديد من الأشخاص. وسعر القفطان يصنف ضمن الخانة الراقية من الملابس الفاخرة، توضح هند جودار التي أصبحت مع مرور السنوات خبيرة في هذا المجال.

وأضافت هذه السفيرة للقفطان المغربي والشرقي “شخصيا، يتمثل هدفي الرئيسي في تجميع وتوحيد المصممين الشرقيين الذين يلتئمون في مشروع +أو. إف. إس+ ( حاليا، لدينا أزيد من 100 مصمم من أكثر من 40 جنسية)، وذلك بغية منحهم الوسائل التي تتيح لهم التواجد في السوق الدولية للموضة وفتح آفاق جديدة لهم”.

وفيما يتعلق بمشاريعها المستقبلية، أعلنت هند جودار الفخورة جدا بأن تحظى “أو. إف.إس” بطلب كبير من قبل بعض بلدان آسيا الوسطى والشرق الأوسط لتطوير مشاريع مماثلة، عن تحد قريب في موسكو، قائلة “لدينا شراكة مهمة مع منظمي أسبوع الموضة المحلية”.

وقالت “سنذهب بعد ذلك لتقديم مصممينا في ألماتي بكازاخستان، ثم في قرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، وهي البلدان التي تربطنا بها شراكات هدفها تطوير قطاع الأزياء التقليدية”.

لكن مشاريع هند جودار لا تتوقف عند هذا الحد! فبعد كتابها “روائع القفطان” “Les Merveilles du Caftan” ، الذي يستعيد تاريخ القفطان ويمنح صورة حول مختلف تقاليد اللباس في العالم الشرقي وتأثيراتها في أوروبا، تعمل حاليا على إنجاز كتاب آخر، في إطار الاستمرارية مع الأول، والذي يسير في اتجاه تسليط الضوء على القدرة الهائلة للمصممين الشرقيين على ابتكار موضة تقليدية وحديثة في ذات الآن، مع نقطة مشتركة، هي فخر الانتماء إلى هذه الثقافة الشرقية العظيمة.

المصدرو م ع
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.