لم يغادر يوما ثنايا قلب لمياء حماني، التي تعيش بمملكة البحرين مدة 16 عاما ونيف، وطنها المغرب، والذي تركته يوما على أمل العودة إليه بعد مسار ناجح بدأته كمضيفة طيران في إحدى الشركات الخليجية.
مسار حياة لمياء، الذي بدأ بولادتها في حي “الحبوس” بالدار البيضاء ونشأتها في جو من التوادد والتعاطف والتضامن العائلي إلى حين التحاقها بدولة البحرين، كان حافلا بالجدية والعمل الدؤوب والإصرار على تحقيق أحلام تبرعمت ونضجت مع توالي سنين عمرها.
حي بمدينة صاخبة كالدار البيضاء ساعد لمياء على اكتساب المبادئ الأولى لقواعد التعامل. هذا الحي الذي دأبت على زيارته بين الفينة والأخرى من أجل اقتناص جزء من ذكريات اللحظات الجميلة الماضية.
فأحلام لمياء كمضيفة طيران، التي لازمتها منذ طفولتها وتعايشت معها بعد ولوجها إلى المدرسة الابتدائية “الأميرة للاعائشة”، تجذرت بعد التحاقها بجامعة الحسن الثاني، وهي شابة يافعة تسعى إلى فرض وجودها والاستئثار بحرية اختيار مسارها، حيث زاوجت آنذاك بين التعليم العالي والتكوين المهني في تخصص مضيفات طيران قبل أن تلتحق بعد جد ومثابرة بشركة الخطوط الملكية المغربية.
وكما أسرت لوكالة المغرب العربي للأنباء، لم تثنها الكبوات والصعوبات التي صادفتها بين الفينة والأخرى، بل زادتها إصرارا وعزيمة بفعل تشجيع والديها وأفراد عائلتها وتمكنها من بعض اللغات الأجنبية التي يقتضيها العمل في مهنة الطيران، لتنطلق إلى عالم آخر حدوده بين السماء والأرض.
غير أن الصعوبات التي شهدتها الشركة المغربية في بداية الألفية، تقول لمياء، والتي أدت إلى تسريح عدد كبير من المضيفان سنة 2001 وكانت من بينهن، لم تمنعها من البحث عن بدائل جديدة تلائم تخصصاتها المهنية وكفاءتها العلمية، وهو ما تأتى لها حينما التحقت كمضيفة طيران بإحدى الشركات الخليجية سنة 2003.
والى جانب مهنتها الأساسية، مافتئت لمياء تهتم بمجالات أخرى مرتبطة بهويتها المغربية وعاداتها وتقاليدها، وذلك من خلال ممارسة فن الطبخ المغربي ومواصلة الاطلاع على ماجد في عالم الأزياء التقليدية والعصرية، لاسيما بعد زواجها من مواطن بحريني، حيث انبرت لتحسين معارفها وقراءة مجموعة من الكتب المتخصصة في تنظيم الحفلات وعروض الأزياء وقواعد الاتيكيت والضيافة، مما اكسبها خبرة دافعة للاشتغال في هذا المجال.
تؤكد لمياء أن “التحصيل المعرفي والانشغال المتواصل بتجارب وخبرات الآخرين في مجال الإعداد للمناسبات والحفلات”، أكسبها معرفة متواضعة بالقواعد الضرورية لإنجاح تنظيم أي تظاهرة، مما حثها على ولوج هذا العالم الذي قالت إنه “لايخلو من صعوبات وعراقيل”.
صعوبات جعلتها تفكر غير ما مرة في تغيير مهنتها الأساسية، والبحث عن نشاط يمكنها في نفس الوقت أيضا من منح أسرتها مزيدا من الوقت الذي كان يلتهمه كثرة تنقلها كمضيفة طيران، فقررت الاستثمار في مشاريع لها ارتباط وثيق بهويتها وثقافتها المغربية، من خلال فتح محلات بالعاصمة البحرينية لتسويق منتجات تحمل علامات تجارية للوطن الأم، إضافة إلى إشرافها على تنظيم الحفلات والأفراح.
وعن هذه المهنة الجديدة، تقول لمياء إن “القطاع يقتضي المعرفة التامة باحتياجات الزبناء وكسب ثقتهم”، لتجد ابنة الدار البيضاء نفسها مرة أخرى في قلب مرحلة جديدة من حياتها باتت تتطلب منها أيضا مزيدا من الصبر والتفاني وروح المبادرة في ظل ما يشهده القطاع من تنافسية كبيرة.
ومع توالي الأيام، أضحت لمياء أكثر انسجاما مع المجتمع البحريني، مما أعطاها زخما كبيرا لتطوير تجارتها والانفتاح على الجالية المغربية التي مافتئت تعبر عن حاجتها لمثل هذه المنتجات التي تجسد هويتها وثقافتها.
افتخار لمياء بانتمائها إلى الوطن الأم جعلها تحمل ثقافتها الأصيلة وأسلوب حياة المغاربة إلى البحرين، مع بذل مزيد من الجهد من أجل النجاح في هذه المهمة الجديدة حتى تمثل الجالية المغربية المقيمة بهذا البلد أحسن تمثيل.
وعن ذلك تؤكد لمياء أنه لا يوجد عمل يخلو من تحديات، بل تمثل هذه التحديات جزءا أصيلا في ممارسة أي مهنة، إلا أن إيمانها العميق بغنى الثقافة المغربية وتعدد روافدها، جعلها أكثر تصميما على نقل هذه الثقافة إلى البحرينيين الذين مافتؤوا يعبرون عن إعجابهم بها، مشيرة الى أن من بين العناصر الأساسية في نجاح أي شخص أسلوبه الخاص في التعامل مع الآخرين، وهو ما جعلها تواظب على توديع زبنائها بنفس الابتسامة العريضة التي تستقبلهم بها.
المصدر : https://wp.me/p5M2ON-eu