خمسة أسئلة لمليكة العبدلاوي رئيسة المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بولاية راينلاند-بفالتس

هيئة التحرير
2020-03-12T15:23:51+01:00
حوارات
هيئة التحرير12 مارس 2020آخر تحديث : منذ 3 سنوات
خمسة أسئلة لمليكة العبدلاوي رئيسة المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بولاية راينلاند-بفالتس
مليكة العبدلاوي رئيسة المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا
بوابة مغاربة العالم

تتحدث مليكة العبدلاوي، رئيسة فرع المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بولاية راينلاند بفالتس (غرب)، في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، حول وقع الاعتداءات اليمينية العنصرية الأخيرة في ألمانيا على الجالية المسلمة، لاسيما اعتداء هاناو الذي خلف مقتل تسعة أشخاص، وجهود المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا في التصدي لتنامي خطر اليمين المتطرف والإسلاموفوبيا في البلاد. – كيف تنظرين كفرد من الجالية المسلمة في ولاية راينلاند-بفالتس، إلى الاعتداءات التي نفذها اليمين المتطرف في الآونة الأخيرة، لاسيما اعتداء هاناو الإرهابي ؟ الاعتداءات الأخيرة لم تكن بالنسبة لنا مفاجأة لأن أعمال العنف والإهانات ضد المسلمين ليست بالأمر الجديد، بما في ذلك الهجمات على المساجد ومنذ سنين نتوقع حدوث هذا. نسجل تصرفات عنصرية يوميا، منها إزالة الحجاب للنساء وإهانات في العمل وفي مراكز التكوين وأحيانا حتى في الكتب المدرسية، نلاحظ تمييزا لكنه ليس ظاهرا. هذه التصرفات التي ندينها تخلق جوا من الكراهية والتمييز والإقصاء. هنا تعود بي الذاكرة إلى هجوم “زولينغن” المأساوي في ولاية شمال الراين فيستفاليا سنة 1993 عندما أضرم “النازيون الجدد” النار في منزل عائلة تركية، مما أودى بحياة ثلاث فتيات وامرأتين، وإصابة وحرق 14 آخرين من أفراد العائلة، من بينهم أطفال. هذا الهجوم شكل بداية لأعمال العنف الدموية.

– ما هي تداعيات هذه الاعتداءات على الجالية المسلمة، وهل تتوقعين تزايد تهديد اليمين المتطرف؟

بقدر ما نشعر بالحزن والأسى تجاه الضحايا والجرحى وذويهم، فإنه ينتابنا شعور بالخوف والقلق كجالية مسلمة، على اعتبار أن الوضع بات دمويا، للمرة الثالثة في أقل من تسعة أشهر قتل أناس من قبل اليمين المتطرف ببشاعة، وكانت ستنفذ هجمات أخرى في المساجد على شاكلة الهجوم على مسجدين بنيوزيلاندا، لولا نجاح الجهات الأمنية في القبض على أفراد الشبكة اليمينية. واقع يجعلنا نفتقد الإحساس بالأمان ونتساءل الآن كيف يمكن حماية المساجد التي كانت قد تلقت تهديدات بالهجوم بالقنابل. نجري حاليا مباحثات مع مسؤولي الحكومات المحلية وأجهزة الأمن الجنائي بهدف تعزيز الإجراءات الأمنية في المساجد.

بالنسبة لي المشكل ليس فقط مشكل مسلمين بل إن الأحداث المروعة الأخيرة تهدد بتقويض الديمقراطية. أنا لا أتحدث كمسلمة بل كامرأة كفاعلة في المجتمع، كمعالجة نفسية. أنا قلقة ليس من جانب كوني مسلمة ولكن قلقة على المجتمع ككل لأن أساس المجتمع الذي يقوم على سيادة القانون والديمقراطية يهتز.

– كيف تقيمين رد فعل الحكومة الألمانية على اعتداءات اليمين المتطرف واستهداف المسلمين ؟

أرى أن هناك الآن منعطفا في تقييم تهديد اليمين المتطرف بعد أن وصف وزير الداخلية الألماني وضع الخطورة الذي يشكله التطرف اليميني بالمرتفع للغاية. نستشف أن الحكومة بدأت تفتح عينيها المغمضتين على إرهاب اليمين المتطرف، وهذا يمنحنا أملا بأن الأمور تتحرك ونتطلع إلى عدم استمرار حمام الدم لأنه لم يتم بعد تفكيك خلية النازيين الجدد (أن أس أو) الإرهابية.

أثمن أيضا الإعلان عن تشكيل لجنة وزارية لمعالجة قضايا التطرف اليميني والعنصرية وتأسيس لجنة للخبراء تعنى بمتابعة ظاهرة العداء ضد الإسلام والمسلمين في أعقاب اعتداء هاناو.

ويسعدني، أيضا، أنني توصلت برسالة مواساة وتضامن من رئيسة حكومة ولاية راينلاند بفالتس، مالو دراير، على إثر أحداث هاناو تعلن من خلالها عن تدابير وقائية لفائدة المسلمين. إنها رسالة ذات رمزية بالنسبة لي لأنها تفيد بأن رئيسة حكومة محلية تقف إلى جانب المسلمين وأنها ضد التمييز والعنصرية.

لكن بالرغم من هذه المبادرات، فإن الخطير في الأمر هو أن الخطاب السياسي العنصري لا يتبناه فقط حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي، ولكن أيضا سياسيون من أحزاب رئيسية مشاركة في الائتلاف الحكومي، مما يمرر رسالة تشجيع للمتطرفين، مثلا عندما يصرح وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر الذي ينتمي للاتحاد المسيحي بأن الإسلام ليس جزء من ألمانيا وأن الهجرة أم المشاكل.

كما أنني لا أحبذ عندما يتم الحديث عن محاربة العنصرية ضد الأجانب، على اعتبار أننا عناصر أجنبية، العبارة في حد ذاتها تنطوي بالنسبة لي على تمييز لأننا لا نعتبر أنفسنا أجانب، ولدنا في هذا البلد، نعمل فيه ونساهم في تنميته.

– أي دور يقوم به المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا للتصدي لليمين المتطرف والإسلاموفوبيا ؟

نعمل من خلال المجلس على تشجيع الحوار بين الأديان من جهة ومن جهة أخرى نشتغل على تعزيز إدماج المسلمين في المجتمع الألماني من أجل محاربة التمييز. كما أننا نحرص على التواصل مع الوزارات على الصعيد الاتحادي وعلى صعيد الولايات وأيضا مع الأجهزة الأمنية. وفي سياق اعتداء هاناو، أجريت مؤخرا ضمن وفد عن المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا مباحثات مكثفة في البرلمان الألماني (بوندستاغ)، في إطار اللقاءات الدورية التي يجريها المجلس مع الأحزاب الديمقراطية، إلى جانب لقائنا بالمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الألماني، تحدثنا خلالها حول وضع المسلمين والتحولات المجتمعية المرافقة لواقع تصاعد العداء، والتمييز ضد المسلمين.

ننظم أيضا تظاهرات للتحاور مع المسلمين حول كيفية حماية أنفسهم وتشجيعهم على الإبلاغ عن الاعتداءات التي يتعرضون لها، وعن كافة أشكال التمييز اليومي في الدراسة والعمل.

وتتضمن جهود المجلس، أيضا، محاربة الإسلاموفوبيا، حيث أن هناك صورة مغلوطة حول الإسلام تربطه بالإرهاب، ليس في ألمانيا فقط ولكن في أوروبا برمتها. من الصعب تغيير هذا الوضع لأن له علاقة بسيكولوجيا المجتمع الذي يحتاج إلى إطار يعلق فيه مشاكله كنوع من الإسقاط.

لا أبرر العمليات الإرهابية من طرف المسلمين، لكن يتعين معاقبة المرتكب وليس المسلمين جميعا. وفي هذا الصدد، نسعى إلى محاربة التطرف الإسلاموي من خلال إطلاق مشاريع خاصة مع الشباب وفي المساجد من أجل تقوية هويتهم، حتى لا يخضعوا لتأثير المتطرفين، من بينها مشروع “فضاءات آمنة” في إطار برنامج دولي لمحاربة التطرف اليميني والإسلاموي تم وضعه من قبل الحكومة الألمانية سنة 2015.

– كامرأة ومسلمة قادمة من ثقافة مغايرة تتولين منصبا حساسا على رأس مؤسسة إسلامية، ما هي أبرز التحديات التي تواجهك ؟

أتولى هذا المنصب منذ 2015، حيث أعيد انتخابي للمرة الثانية. كنت الوحيدة التي اشتغل في المساجد مع الرجال، حيث أهتم باحتياجات المسلمين وأشتغل مع جميع الجاليات والأديان. في البداية كان يبدو الأمر غريبا إذ قد أجد نفسي الوحيدة ضمن مجموعة من الرجال، لدرجة أنه قد يناديني أحدهم عن طريق الخطأ (برودر مليكة) (الأخ مليكة)، لأنهم ينسون أني امرأة.

لكن الجميع يحترم رأيي ويطلبون مشورتي ويصرون على حضوري في بعض اللقاءات، بالرغم من أنه قد لا يكون لدى أي علاقة بموضوعها.

بالنسبة لي أبرز تحدي هو تدبير الوقت للقيام بجميع مهامي التي تتوزع بين الأسرة ومهنتي كمعالجة نفسية ومهامي في المجلس الأعلى للمسلمين والمجال الاجتماعي، إلى جانب إلقاء المحاضرات حول خصوصيات العائلة المسلمة والشباب ومشاكل الجالية.

أصولي المغربية تساعدني في مهنتي كمعالجة نفسية، حيث أستقبل في عيادتي مغاربة، خاصة نساء لا تتحدثن الألمانية مما يمكنهن من البوح بما يشعرن به بالدارجة المغربية أو الأمازيغية.

المصدرو م ع
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.